وقال القاضي في المقابلة "بدأنا بالحالات التي يوجد إجماع على رفضها، موضحاً أن "الحالات التي ليست بهذا الوضوح أي التي قد تختلط بين حرية التعبير وبين المحتوى المخالف للآداب، ستلجأ المحكمة إلى انتخاب خبراء مختصين" للبت فيها.
إن الحملة والإجراءات المتبعة تحمل مخالفة للمعايير الدولية لحرية التعبير التي نصت عليها العهود والمواثيق الدولية، والتي وقع عليها العراق.
ففي الأيام القليلة الماضية، أصدر مجلس القضاء الأعلى مذكرات قبض، بحق الكثير من مشاهير السوشال ميديا في العاصمة وعدد من المحافظات بتهمة "المحتوى الهابط"، الذين وصفته بغير اللائق ولا ينسجم مع الآداب العامة.
الداخلية تعلن ملاحقة "المحتوى المسيء".. هل هناك معايير وقوانين واضحة؟
سألنا فلسطينيين من غزة عن شعبية حماس بعد تسعة أشهر من الحرب
نجد تغافلاً واضحًا من لدن وزارة الداخلية على صفحات وأسماء ومنصات عرفت بالتحريض على القتل والطائفية والتشهير والعنف، وبقيت بعيدة عن كل أنواع المساءلة، لاسيما وأنها ذاتها شاركت في تأييد الملاحقات القضائية، الأمر الذي يثير القلق من كونها حملات ذات دافع سياسي.
الأسبوع الماضي، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وثيقة تكشف عن دعوى قضائية أقامها المحامي أحمد شهيد أمام محكمة تحقيق الكرخ الثالثة المختصة بقضايا النشر والإعلام، ضد مقدم البرامج في إحدى القنوات الفضائية قحطان عدنان، متهماً إياه بتجاوز الأعراف والقوانين في آداب الحديث الإعلامي، وأنّ عدنان يقدم محتوى سيئاً (هابطاً)، وفيه كلام غير أخلاقي ومخلّ بالآداب العامة".
نقابل الخبراء الذين يبحثون عن استراتيجيات جديدة بهدف التخفيف من حدّة هذا التغيير والتأقلم معه.
تأشير انتهاكات خطيرة في إجراءات الاعتقال والقبض، كونها صدرت بموجب تعليمات صدرت عن وزارة الداخلية، دون وجود أوامر قضائية مسبقة مبنية على اتهامات قانونية محددة وفق القانون.
ويشير إلى أن أحكام الحبس عن اضغط هنا مجرد الكلام تعد وفقاً للمعايير الدولية "شكلاً من أشكال تقييد ومصادرة حرية التعبير، ليس للمحكوم وحده بل لغيره أيضاً"، مردفاً أن المعايير الدولية توجب الاكتفاء بالعقوبات المالية.
بالتزامن مع تلك الإجراءات ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بجدل محموم، إذ اعتبرها صحافيون وناشطون مقدمة لقمع أوسع لحرية التعبير في البلاد، فيما سخر عديد منهم من الإجراءات القضائية، مشيرين إلى أن الأجدى أن تقوم أجهزة الدولة بمكافحة "خطابات التحريض والكراهية التي يطلقها سياسيون وزعماء ميليشيات في البلاد".
قصف إسرائيلي لمركز للجيش اللبناني وإصابة عسكريين اثنين
وتعجب ناصر من إصدار رئيس مجلس القضاء الأعلى توجيهاً لتشجيع إلقاء القبض على من سماهم بـ"أصحاب المحتوى الهابط"، في حين لم يتخذ الإجراء ذاته لملاحقة "مثيري الفتن والتحريض على القتل وغيرهم"، مبيناً أن السلطة القضائية باتت تظهر "تماهيها مع أجندات سياسية واضحة للمراقب والصحافي بشكل جلي بالاستعانة بقوانين صنعها النظام البعثي السابق لقمع معارضيه".
وتتفق الآراء القانونية على أن "المحتوى الهابط" مرفوض قانونيا واجتماعيا، داعين الى "ثورة توعية" من قبل المدارس ورجال الدين والاعلام.